يقول الله -عز وجل- في كتابه الكريم ﴿ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) ﴿٣٢﴾، يعد الزنا من الكبائر في الشريعة الإسلامية والتي وضع لها -عز وجل- عقاب لها من فوق سبع سماوات؛ ولم يترك وضع عقوبة لها من قبل ولي الأمر، وهذا لأن تلك الجريمة تعود من الجرائم الخطيرة على الفرد والمجتمع بأكمله لما ينتج عنها من انتشار الفاحشة واختلاط الأنساب ودمار الأسرة وبالتالي انهيار كينونة المجتمع.
لم يغفل المشرع الكويتي في قانون الجزاء رقم 16 لعام 1960 على النص على جريمة الزنا ووضع العقوبة المفروضة لها، وسنسلط نحن المحامي محمد الحميدي التنظيم القانوني لتلك الجريمة وثم توضيح العقوبة المفروضة لها، وهل تختلف عن العقوبة المقررة لها في القرآن الكريم.
اولاً:- نصوص تجريم الزنا في قانون الجزاء الكويتي .
لقد نص فانون الجزاء الكويتي على تجريم الزنا في المواد 195 و 196 و 197 من القانون ، وهم كالتالى:
المادة 195
نصت المادة على ” كل شخص متزوج – رجلاً كان أو امرأة ـ اتصل جنسياً بغير زوجه، وهو راض بذلك، وضبط متلبساً بالجريمة يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تجاوز خمسة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين.”
المادة 196
نصت المادة على ” يعاقب شريك الزوجة الزانية وشريكة الزوج الزاني، إذا كان كل منهما يعلم أو يستطيع أن يعلم أن من زنا معه متزوج، بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين.”
المادة 197
نصت المادة ” يجوز للزوج المجني عليه في جريمة الزنا أن يمنع إقامة الدعوى الجزائية على الزوج الزاني ، رجلاً كان و امرأة ، وعلى شريكه في الزنا ، بشرط أن يقبل المعاشرة الزوجية كما كانت ، ولهذا الزوج أن يوقف سير الإجراءات في اية حالة كانت عليها ، كما ان له ان يوقف تنفيذ الحكم النهائي، برضائه استمرار الحياة الزوجية. وإذا منع الزوج المجني عليه إقامة الدعوى الجزائية ، او وقف سير الإجراءات ، او وقف تنفيذ الحكم النهائي، لم تسر أحكام المادة 194.”
رقم محامي استشارات قانونية اون لاين بالكويت 2022
ثانياً:- أركان جريمة الزنا.
طبقا للنصوص القانونية السابقة، فإن جريمة الزنا تتكون من ثلاثة أركان كالتالي:
الركن المفترض:
يجب أن يكون أحد أطراف جريمة الزنا – على الأقل – متزوجا، لأن ذلك ما يميز جريمة الزنا عن جريمة المواقعة في قانون الجزاء الكويتي، وبالتالي فإن جريمة الزنا في القانون تختلف عن جريمة الزنا في الشريعة الإسلامية، حيث يشترط القانون الكويتي أن تقوم جريمة الزنا في حق الشخص المتزوج لكي يتم توقيع العقوبة المفروضة عليه، ولكن في الشريعة الإسلامية، لا يعد الزواج شرطا لتوقيع العقوبة، ولكنه شرط لتشديد العقوبة.
ولقد نصت محكمة التمييز في أحد أحكامها على “إذا انحل زواج المتهم بالزنا بالطالق فإن فعله يندرج تحت المواقعة وليس الزنا، بيد أن هذا الطلاق يتعني أن يكون بائنا، فإذا كان طلاقا رجعيا، فتهمة الزنا هي التي تثبت إذا حدث فعل الوطء في فترة العدة”
افضل محامي في الفحيحيل بالكويت للقضايا والاستشارات 2023
الركن المادي:
يتحقق الركن المادي لجريمة الزنا من خلال إتيان المرأة بإيلاج عضو الذكر، وحصول جريمة الوطء كاملة، ويكون الفعل قد وقع والجاني متزوجا، ويتوافر هذا الفعل كلما أتى رجل أمرائه جنسيا وهي ليست زوجته وكلا الطرفين راضيين.
الركن المعنوي:
يتم الركن المعنوي في تلك الجريمة من خلال انصراف علم الجاني وإرادته إلى ارتكاب الفعل الذي تقوم عليه الجريمة وهي الصلة الجنسية.
ثالثاً:- أحكام خاصة بجريمة الزنا.
لقد نص المشرع الكويتي على أحكام خاصة بجريمة الزنا وهو اثبات الجريمة وكيفية تحريك الدعوى الجزائية ، وهذا لأن جرائم الزنا تعد من جرائم العرض والشرف ، وبالتالي وضع لها المشرع الكويتي مجموعة من الأحكام الخاصة بها على عكس الجرائم الأخرى.
اثبات الجريمة:
لقد تطلب المشرع الكويتي أن يتم ضبط المتهمين متلبسين بجريمة الزنا ، وهذا طبقاً لنص المادة 195 من قانون الجزاء والتي نصت على ” كل شخص متزوج – رجلاً كان أو امرأة ـ اتصل جنسياً بغير زوجه، وهو راض بذلك، وضبط متلبساً بالجريمة…………”
لكن من خلال مطالعة الأحكام القضائية الخاصة بمحكمة التمييز تبين ان اعتراف المتهم بجريمة الزنا ينتج عنه توقيع العقوبة عليه ، وهذا لأن الاعتراف يعد سيد الأدلة ، وتطبيقاً لذلك قضى بإن ” و كان من المقرر أن الأدلة المقبولة قانوناً لإثبات جريمة الزنا أن يضبط الجاني متلبساً بارتكاب الجريمة ، إلا أن قضاة هذه المحكمة – محكمة التمييز- قد جرى على أنه إذا توافر فى الدعوى اعتراف من المتهم في حق نفسه كان للمحكمة أن تعتمد على هذا الاعتراف وتأخذ به متى اطمأنت الى صحته ، ولو لم يضبط المتهم متلبساً بالجريمة أو عدم وجود شاهد رؤية لها ساعة وقوعها اعتباراً بإن الاعتراف أقوى الأدلة ”
افضل محامي في الجهراء الكويت للاستشارات والقضايا 2023
تحريك الدعوى الجزائية ” الشكوى”:
لقد كانت المادة 197 من قانون الجزاء الكويتي رقم 16 لعام 1960 م والصادر بتاريخ 2/6/1960 م والمنشور في 6/6/1960 م ينص على ” لا تقام الدعوى الجزائية على الزنا رجلاً كان أو امرأة ، أو على شريكه في الزنا ، إلا بناءً على طلب زوج المجني عليه………”
ولكن المشرع الجزائي في القانون رقم 46 لعام 1960 بشأن تعديل بعض نصوص قانون الجزاء المنشور بتاريخ 5/12/1960م عدل نص المادة 197 وأصبحت تنص على ” يجوز للزوج المجني عليه في جريمة الزنا أن يمنع إقامة الدعوى الجزائية على الزوج الزاني ، رجلاً كان و امرأة ، وعلى شريكه في الزنا ، بشرط أن يقبل المعاشرة الزوجية كما كانت………”
وبالتالي كانت المادة197 في قانون الجزاء قبل تعديلها تستلزم تقديم شكوى ، ولكن بعد تعديل المادة أصبح للزوج الحق في منع إقامة الدعوى الجزائية في جريمة الزنا ولكن بشرط قبول المعاشرة الزوجية ، مما يقصد به إطلاق حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية لتلك الجريمة.
التنازل عن الدعوى الجزائية في جريمة الزنا :
تطبيقاً للمواد القانونية السابق ذكرها فإنه يجوز للزوج المجني عليه التنازل عن الدعوى في اى مرحلة من مراحلها وله ان يمنع تطبيق الحكم النهائي، ويعد هذا الاستثناء من الذى لا يجوز التوسع فيه ؛ حيث انه استثناء من القواعد العامة مخصص فقط لجريمة الزنا فى قانون الجزاء الكويتى وبالتالى لا يمكن تطبيقه على غيره ولا يمكن التوسع فيه .
رابعاً:- العقوبة المفروضة لجريمة الزنا .
لقد نص المشرع الكويتي في قانون الجزاء على عقوبات جريمة الزنا وهي كالتالى:
عقوبة المتزوج رجل او امرأة :
نصت المادة 195 من القانون على ان كل شخص متزوج – رجلاً كان أو امرأة ـ اتصل جنسياً بغير زوجه، وهو راض بذلك، وضبط متلبساً بالجريمة يعاقب:-
- بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات،
- وبغرامة لا تجاوز خمسة آلاف روبية
- أو بإحدى هاتين العقوبتين.
عقوبة الشريك في جريمة الزنا
نصت المادة 196 على عقوبة الشريك في جريمة الزنا ، حيث انه يعاقب شريك الزوجة الزانية وشريكة الزوج الزاني، إذا كان كل منهما يعلم أو يستطيع أن يعلم أن من زنا معه متزوج:
- بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات
- وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية
- أو بإحدى هاتين العقوبتين.
خامساً :- الفرق بين العقوبة المفروض لجريمة الزنا في القانون والشريعة الإسلامية
تختلف العقوبة المفروضة لجريمة الزنا في قانون الجزاء الكويتي عنها في الشريعة الإسلامية اختلافاً جذرياً وبالإضافة الى اختلاف الشروط الخاصة للجريمة ؛ حيث ان الشريعة الإسلامية لها شروط معينة لأثبات الجريمة واثبات وقوقعها، وحيث ان الشريعة الإسلامية تفرق بين الزاني المتزوج والزاني الغير متزوج ، حيث انه تكون كالتالى:-
- عقوبة الزاني المتزوج وهو المحصن كما وصفته الشريعة الإسلامية تكون الرجم الرجم هو : الرمي بالحجارة حتى الموت . ويتحقق الإحصان بأن يوجد وطء في نكاح صحيح , وأن يكون الوطء في القبل.
لما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال : ” إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب . فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ،فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ،والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف .
للحديث الذي رواه ذو النورين ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، رجل زنى بعد حصانه فعليه الرجم أو قتل عمدا فعليه القود أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل”
و قوله تعالى (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). [سورة الأنعام، آية: 151] - عقوبة الزاني الغير متزوج وهو الغير محصن فعقوبته الجلد مائة جلدة ، والتغريب لمدة عام ،حيث قال الله عز وجل فى كتابه الكريم فقد قال -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)،
بما روى عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { خذوا عني ،خذوا عني ،قد جعل الله لهن سبيلا . البكر بالبكر جلد مائة ،ونفي سنة ،والثيب بالثيب جلد مائة والرجم }
قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (البِكْرُ بالبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ ونَفْيُ سَنَةٍ)
جريمة الزنا في القانون الكويتي والعقوبة المفروضة
يتخصص مكتب المحامي محمد الحميدي بالعديد من التخصصات ومنها القضايا الجنائية فلا تتردد بالتواصل معنا.
تأسيس شركة في الكويت بإشراف محامي كويتي مرخص 2023